سورة النساء - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {تلك حدود الله} يعني طاعة الله، يعني المواريث التي سمى. وقوله: {ويتعدَّ حدوده} يعني من لم يرض بقسم الله وتعدَّى ما قال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي {تلك حدود الله} بقول: شروط الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {تلك حدود الله} يعني سنة الله وأمره في قسمة الميراث {ومن يطع الله ورسوله} فيقسم الميراث كما أمره الله {ومن يعص الله ورسوله} قال: يخالف أمره في قسمة المواريث {يدخله ناراً خالداً فيها} يعني من يكفر بقسمة المواريث وهم المنافقون، كانوا لا يعدون أن للنساء والصبيان الصغار من الميراث نصيباً.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {ومن يطع الله ورسوله} قال: في شأن المواريث التي ذكر قبل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {تلك حدود الله} التي حد لخلقه وفرائضه بينهم في الميراث والقسمة، فانتهوا إليها ولا تعدوها إلى غيرها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {ومن يطع الله ورسوله} قال: من يؤمن بهذه الفرائض. وفي قوله: {ومن يعص الله ورسوله} قال من لا يؤمن بها.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة واللفظ له والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة» ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم {تلك حدود الله} إلى قوله: {عذاب مهين}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وسعيد بن منصور عن سليمان بن موسى قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قطع ميراثاً فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة».
وأخرج ابن ماجه من وجه آخر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قطع ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة».
وأخرج البيهقي في البعث من وجه ثالث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قطع ميراثاً فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه من الجنة».
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة عدو.


{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)}
أخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبزار والطبراني من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة...} الآية. قال: كانت المرأة إذا فجرت حبست في البيوت فإن ماتت ماتت، وإن عاشت عاشت، حتى نزلت الآية في سورة النور {الزانية والزاني} [ النور: 2] فجعل الله لهنَّ سبيلاً، فمن عمل شيئاً جلد وأرسل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس في الآية قال: كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله بعد ذلك {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [ النور: 2] فإن كانا محصنين رجما. فهذا السبيل الذي جعله الله لهما.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} وقوله: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [ الطلاق: 1] وقوله: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [ النساء: 19] قال: كان ذكر الفاحشة في هؤلاء الآيات قبل أن تنزل سورة النور بالجلد والرجم، فإن جاءت اليوم بفاحشة مبينة فإنها تخرج فترجم، فنسختها هذه الآية {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [ النور: 2] والسبيل الذي جعل الله لهن الجلد والرجم.
وأخرج أبو داود في سننه والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى قوله: {سبيلاً} وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما جميعاً فقال: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما...} [ النساء: 16] الآية. ثم نسخ ذلك بآية الجلد فقال: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [ النور: 2].
وأخرج آدم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} يعني الزنا كان أمر أن يحبس، ثم نسختها {الزانية والزاني فاجلدوا} [ النور: 2].
وأخرج آدم وأبو داود في سننه والبيهقي عن مجاهد قال: (السبيل) الحد.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة...} الآية. قال: كان هذا بدء عقوبة الزنا، كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعاً، ويعيران بالقول وبالسب. ثم إن الله أنزل بعد ذلك في سورة النور جعل الله لهن سبيلاً، فصارت السنة فيمن أحصن الرجم بالحجارة، وفيمن لم يحصن جلد مائة ونفي سنة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والنحاس عن قتادة في الآية قال: نسختها الحدود.
وأخرج البيهقي في سننه عن الحسن في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة...} الآية. قال: كان أول حدود النساء أن يحبسن في بيوت لهن حتى نزلت الآية التي في النور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة} يعني الزنا {من نسائكم} يعني المرأة الثيب من المسلمين {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} يعني من المسلمين الأحرار {فإن شهدوا} يعني بالزنا {فأمسكوهن} يعني احبسوهن {في البيوت} يعني في السجون.
وكان هذا في أول الإسلام كانت المرأة إذا شهد عليها أربعة من المسلمين عدول بالزنا حبست في السجن، فإن كان لها زوج أخذ المهر منها ولكنه ينفق عليها من غير طلاق، وليس عليها حد ولا يجامعها، ولكن يحبسها في السجن {حتى يتوفاهن الموت} يعني حتى تموت المرأة وهي على تلك الحال {أو يجعل الله لهن سبيلاً} يعني مخرجاً من الحبس، والمخرج الحد.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: هؤلاء اللاتي قد أنكحن وأحصن إذا زنت المرأة كانت تحبس في البيوت، ويأخذ زوجها مهرها فهو له. وذلك قوله: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً} [ البقرة: 229] {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} الزنا حتى جاءت الحدود فنسختها، فجلدت ورجمت، وكان مهرها ميراثاً، فكان السبيل هو الحد.
وأخرج عبد الرزاق والشافعي والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدرامي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان عن عبادة بن الصامت قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وترمَّد وجهه. وفي لفظ لابن جرير: يأخذه كهيئة الغشي لما يجد من ثقل ذلك. فأنزل الله عليه ذات يوم، فلما سري عنه قال: خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة».
وأخرج أحمد عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم».
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: لما نزلت الفرائض في سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حبس بعد سورة النساء».


{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {واللذان يأتيانها منكم...} الآية. قال: كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال. فأنزل الله بعد هذه الآية {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [ النور: 2] وإن كانا غير محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {واللذان يأتيانها منكم} قال: الرجلان الفاعلان.
وأخرج آدم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله: {فآذوهما} يعني سبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {واللذان} يعني البكرين اللذين لم يحصنا {يأتيانها} يعني الفاحشة وهي الزنا {منكم} يعني من المسلمين {فآذوهما} يعني باللسان، بالتعيير والكلام القبيح لهما بما عملا، وليس عليهما حبس لأنهما بكران ولكن يعيران ليتوبا ويندما {فإن تابا} يعني من الفاحشة {وأصلحا} يعني العمل {فأعرضوا عنهما} يعني لا تسمعوهما الأذى بعد التوبة {إن الله كان توابا رحيما} فكان هذا يفعل بالبكر والثيب في أول الإسلام، ثم نزل حد الزاني فصار الحبس والأذى منسوخا، نسخته الآية التي في السورة التي يذكر فيها النور {الزانية والزاني...} [ النور: 2].
وأخرج ابن جرير عن عطاء {واللذان يأتيانها منكم} قال: الرجل والمرأة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: ثم ذكر الجواري والفتيان الذين لم ينكحوا فقال: {واللذان يأتيانها منكم...} الآية. فكانت الجارية والفتى إذا زنيا يعنفان ويعيران حتى يتركا ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} قال: عن تعييرهما.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8